جودة الخدمات المقدمة من مؤسسات المجتمع الأهلي وأثرها على الصورة الذهنية لدى المستفيدين

الأربعاء 1-2-2023

بقلم : وليد سيد

في ظل عالم سريع التغير يسوده التنافس الشديد تسعى المؤسسات إلى تحقيق الجودة في خدماتها، حيث تعتبر جودة الخدمات عنصرا مهما وأساسيا لأي مؤسسة سواء كانت صناعية أو تجارية أو خدمية، مما يستدعي قيامها بالتحسين والتطوير المستمر لخدماتها ضمانا لبقائها واستمراريتها، وأن تتواكب وتستجيب للتغير في حاجات ورغبات المستفيدين، وأن تنتهج أدوات وأساليب علمية حديثة ومتطورة تمكنها من التعرف على حاجات المستفيدين وتوقعاتهم حول خدمة معينة والعمل على إشباعها لكسب رضاهم.

موضوع جودة الخدمات يحظى باهتمام متزايد في كل المؤسسات وفي كافة أنحاء العالم المتقدم والنامي على السواء، بعد أن أدركت هذه المؤسسات إلى أهمية تطوير وتحسين الجودة كمدخل أساسي لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية المتمثلة في المنافسة الشديدة والعولمة والتغيرات التكنولوجية المتلاحقة وذلك من أجل تحقيق التميز في أدائها ومنه اكتساب الميزة التنافسية.

وتعد الصورة الذهنية من الموضوعات التي تهتم المؤسسات بدراستها وقياسها بشكل منظم، وأنها من أولوياتها عند رسم خططها وتنفيذ قراراتها، وذلك لدورها في تشكيل السلوك المجتمعي والذي بناء عليه تقوم المؤسسات، فالصورة الذهنية الإيجابية تعد هدفاً أساسياً يسعى الجميع لتحقيقه على أي مستوى من المستويات حتى على مستوى الأفراد؛ وهذا ما أدركت أهميته المؤسسات ورسمت الخطط الموجهة لتكوين الصورة الذهنية للجمهور المستهدف على النحو الذي يحقق لها أهدافها.

في الوقت الحاضر ومع تحول العمل الخيري من مبادرات فردية إلى مبادرات تنظيمية، أصبح لمؤسسات المجتمع الأهلي دور حيوي في عملية التنمية وتطوير المجتمعات بما تملكه من موارد متنوعة وامتلاكها لقاعدة شعبية عريضة ومؤثرة تنتشر في جميع ربوع جمهورية مصر العربية ، وأصبح العمل الأهلي من أهم روافد التنمية والدعم الاجتماعي، وشريك فعال للقطاعين الحكومي والخاص، ويُعول عليه كثيرا في تحقيق شراكة بناءة تسهم في تنمية ونهضة المجتمع في مختلف النواحي، الأمر الذي يستوجب ضرورة أن تقدم هذه المؤسسات خدماتها وبرامجها على وجه مرض من الجودة والإتقان.

وحتى تتمكن مؤسسات المجتمع الأهلي من تحقيق أهدافها المختلفة، وتكون شريك فاعل في خطط الدولة التنموية، وتؤدي دورها ورسالتها وأهدافها على أكمل وجه، أصبح لزاماً عليها الاهتمام بتجويد أعمالها وتحسين أدائها، وذلك بإتباع أفضل الممارسات الإدارية والتنظيمية الحديثة، كتطبيق نظام الجودة، الذي سينعكس بشكل كبير على مخرجات المؤسسة ويحقق صورة ذهنية إيجابية لدي المستفيدين من الخدمات.

إن كانت مؤسسات القطاع الربحي قد حرصت على تطبيق معايير الجودة؛ لتحظى برضا العميل بهدف تحقيق أكبر قدر من الكسب المادي، فمؤسسات المجتمع الأهلي أحوج ما تكون لتطبيق الجودة في أدائها؛ لارتباط عملها بشكل مباشر بشريحة المستفيدين، وهم الشريحة الأولى بالاهتمام والرعاية، فالمستفيد هو سر بقاء مؤسسة المجتمع الأهلي ومن أجله وجدت، الأمر الذي يستوجب من القائمين وضع مصلحة المستفيدين في مقدمة اهتماماتهم، وتقديم الخدمة لهم بأعلى مستوى من الجودة.

وهناك توجه لتقييم كفاءة مؤسسات المجتمع الأهلي، وذلك من خلال التركيز على تأثير هذه المؤسسات على أرض الواقع والتغيير الذي تحققه على حالة الشريحة المستهدفة من المستفيدين من الخدمات المقدمة، وفي ظل زيادة الاهتمام بكفاءة هذه المؤسسات ظهرت الحاجة لتقييم وقياس أدائها، فكانت الصورة الذهنية إحدى أهم الأدوات التي تدل على مستوى الأداء.

في ظل اعتماد مؤسسات المجتمع الأهلي على مصادر تمويلية متمثلة في التبرعات والمنح التمويلية من عدة أفراد أو جهات (حكومية أو خاصة أو أهلية)، والمنافسة الشرسة بين هذه المؤسسات من أجل الحصول على التبرعات والمنح التمويلية ، فإن الصورة الذهنية الإيجابية لدي المستفيدين عن المؤسسة وسيلة مناسبة للمتبرعين والداعمين يتمكنون من خلالها من التأكد من أن تبرعاتهم وتمويلاتهم وصلت لمستحقيها وأشبعت حاجاتهم، فالتمويلات والتبرعات قد تذهب إلى بعض مؤسسات مجتمع أهلي ولا تذهب إلى البعض الآخر بسبب الصورة الذهنية وما يتناقله المستفيدين شفهيا سواء إيجابيا أو سلبيا عن الخدمات المقدمة لهم من المؤسسة ، وهو ما يؤثر في قرارات المانحين والمتبرعين بتوجيه تبرعاتهم وتمويلاتهم واختياراتهم للمؤسسة المستهدفة لذلك.